أتمنى على حكومتنا الكسيحة إداريا أن تأخذ بفتوى اللجنة العليا للعمل على استكمال تطبيق الشريعة والقاضية بإلغاء منهج الفلسفة في المدارس الحكومية, ويا حبذا لو أكملت المهمة بإلغاء قسم الفلسفة, كما أعتقد أن جميع الدول العربية بعد أن هيمن عليها الفكر الديني المتشدد , باستثناء الأردن وتونس أن تلغي مناهج الفلسفة أيضا, ولست أمزح بهذا الصدد, ذلك أن الفلسفة لا أصل لها في بنية التفكير العربي, وإذا ما احتج أحدهم بالفلاسفة المسلمين, فالحجة ساقطة لأسباب عديدة, منها: أن الفلسفة لم توجد كمنهجية فكرية في كل العصور الإسلامية, وأن الفلاسفة المسلمين قد تم تكفيرهم ( وقد امتد هذا الفكر التكفيري لدى المسلمين إلى اليوم كما يتبين من كتاب الأستاذ سعود السرحان, " الحكمة المصلوبة " 2008 دون استثناء, بل وتم حرق كتبهم, فضلا عن أن معظم الفلاسفة المسلمين ينتمون لأصول غير عربية, والمصدر الرئيسي للفكر الفلسفي لهم مستمد من فلاسفة اليونان, ولولا الفكر الفلسفي اليوناني لما وجدنا أثرا للفكر الفلسفي الإسلامي "إن جاز التعبير للتناقض الوارد بين الفلسفة والدين على المستوى النظري", فلماذا نتعجب من دعوة التيار الديني اليوم الى إلغاء تدريس الفلسفة? ولتكن الأمور واضحة ونسأل أنفسنا: لمن الفلسفة ? هل هي فعلا لجميع الشعوب والأمم ? بالطبع كلا, لأن الأمم تتفاوت في مدى توفر مدى العقلانية في معالجتها لمختلف الموضوعات, ويكاد أن يكون نصيب العرب صفرا كبيرا في هذا المجال.
لا شك أن لكل شعب عقلية خاصة, وفلسفة حياة, لكن من الواضح أن فلسفة الحياة المادية كانت أساس الفكر العربي ما قبل الإسلام, كما يتبين من الشعر الجاهلي, وما هو بجاهلي لما فيه من الحكمة وضوح فلسفة الحياة, لكن مع اعتناق الإسلام تغيرت فلسفة الحياة لارتباطها بالنص الديني بما يحتويه من معالجات دينية تستبعد الفكر الإنساني من قضايا الحياة بسبب الأحكام التي نصت عليها النصوص الدينية, والتي أصبحت المحور الأساسي في التفكير من جهة , واستبعاد العنصر الإنساني من التفكير في ما نصت عليه النصوص من جهة أخرى.
ولو ظل العرب المسلمون على هذه " الفلسفة " الدينية لكان أفضل لهم. لكن التوسع الديني من خلال الفتوحات والاستيلاء على تراث الأمم التي أخضعها العرب المسلمون, والانشغال بتراث الأمم السابقة بعد استقرار الإمبراطورية الإسلامية, كل ذلك دفع بالمسلمين إلى تبني فلسفات هذه الأمم, والتي لم تكن تتناسب مع التراث الديني والنصوص الدينية, الأمر الذي خلق نوعا من الازدواجية في الفكر لدى المسلمين, ونظرا الى قوة وهيمنة الفكر الفلسفي اليوناني على التراث العالمي لم يكن أمام المسلمين مفر من القبول به, هذا الفكر لا يمكن أن يخضع لمن يريد أو يرغب في أن يكون فكره دينيا محضا. وبسبب التدهور الحضاري الذي لحق بالمسلمين نتيجة للحروب والمجاعات, ونظرا لاعتماد ما يسمى بالحضارة الإسلامية على مصدر أجنبي "التراث اليوناني والفارسي والهندي", لم يتمكن المسلمون من " خلق " فلسفة حياة خاصة بهم على هذا النمط الأجنبي, كان لا بد من العودة إلى المربع الأول, وأقصد بذلك الفكر الديني لأنه البديل الوحيد والأسهل والأقرب للعقلية العربية المسلمة, لذلك كان من الطبيعي أن يتشظى الفكر الفلسفي, ويغدو فكرا غريبا, ويستعيد الفكر الديني مكانته الطبيعية لمجتمع لا توجد لديه فلسفة دنيوية, ومع سقوط حضارة دار الإسلام , كان من الطبيعي أن يسقط الفكر الفلسفي ويتلاشى من الحياة الفكرية, ويسود الفكر الديني المحافظ الساحة الفكرية.
عادت الفلسفة من خلال المناهج التعليمية التي وضعها المستعمر في بلدان لم تعرف سوى الكتاتيب الدينية, فكانت الحياة كلها من دستور وليبرالية وقانون وتعليم رسمي وفكر مدني شيء مفروض وطارئ بحكم الهيمنة الاستعمارية, وما تبع ذلك من قيام للدولة الوطنية التي في خمسين عاما, تمكنت من تدمير كل منجزات المستعمر في بلدانها.
وكما قلنا في مقالنا السابق, كان من الطبيعي أن تفشل كل الدول العربية في الديمقراطية والدستورية ودولة القانون, وأن يفشل التعليم المدني بتدني مستواه القائم على التلقين والحفظ " ذاكرة العرب الأولى ".
في ظل كل هذا التدهور يغدو من الطبيعي تحريم الفنون في العالم العربي عموما, بتمدد هيمنة الفكر الديني على مناحي الحياة المدنية, ومن ثم لم العجب حين يطالب الفكر الديني بإلغاء الفلسفة!
الفلسفة تعتمد على العقل في المقام الأول والأخير, وبذلك فهي تتعارض وتتناقض مع الفكر الديني الذي يرفض استخدام العقل لفهم الوجود الإنساني العظيم, ويربط الناس بمفاهيم محددة ومطلقة في معناها وتوجهاتها. فالفكر الديني يقيد العقل, والفلسفة تطلق العقل, فكيف لمتناقضين أن يجتمعا في حياة واحدة?
احمد البغدادي
* كاتب كويتي
________________________________________
الاستاذ الفاضل الدكتور البغدادي المحترم . حياك الله وبورك فيك وفي قلمك المنافح عن الحق والعلم امام هجمة قوى الظلام والجهل والتخلف , ما احببت ان اقوله لكم عن الفلسفة ومنعها في مدارسكم المبتلاة بالفكر الوهابي التلفي اقول . لماذا تستغرب يا دكتور تحريم هؤلاء القوم للفلسفة ؟ وما وجه الغرابة في ذلك ؟ لنقرا فكر شيخهم الضال ابن تيمية ذلك الناصبي الخصي الذي شتم الفلاسفة والفلسفة ووصفهم باقذع الصفات التي تنم عن سوء ادب وقلة حياء وسوء عقيدة , حيث كان موافقا لاراء امامه ابن حنبل حيث كان كل من يعمل بالفلسفة يكفر ويقتل ويعذب الى ان يتركها وقد كثرت في ذلك فتاوى الجهلاء واشهرها فتوى تقي الدين ابن الصلاح ت 643 هجرية حيث سئل عن الفلسفة والمنطق فاجاب . هي اس السفه والانحلال ومادة الحيرة والضلال ومثار الزيغ والزندقة فالواجب على السلطان ان يدفع عن المسلمين شر هؤلاء المياشيم ويعرض من ظهر منه اعتقاد عقائد الفلاسفة على السيف او الاسلام . راجع فتاوى ابن الصلاح 34 , و 35 سنة 1348 نشر منير الدمشقي .فوجد الناصبي الخصي ان هذه الاجواء تناسب عقيدة امامه ابن حنبل حيث كان ينهى عن الفلسفة ويحذر من مجالسة الفلاسفة فيقول اي احمد بن حنبل .لا تجالسوا اهل الكلام وان ذبوا عن السنة , ( العقيدة للامام احمد بن حنبل 35 , فاتخذ الخصي نفس مواقف امامه ووافق الراي السائد في عصره فهاجم الفلاسفة وعقائدهم وطعن في دينهم في كل مناسبة وصنف في ذلك كتبا مفردة منها . الرد على الفلاسفة . و نقض المنطق !!! غير انه اقذع في وصف فلاسفة المسلمين كالرازي وابن سينا والغزالي والعلامة الشيعي الحلي وغيرهم وبالغ في سبهم والنيل منهم فوصفهم بانهم ( افراخ الفلاسفة واتباع الهند واليونان وورثة المجوس والمشركين وضلال اليهود والنصارى والصابئين .)وكان مغرى بسب محي الدين بن عربي والعفيف التلمساني وابن سبعين وغيرهم من العلماء الفلاسفة وربما صرح بسب الغزالي وكان يقول فيه ساخرا . هو قلاووز الفلاسفة . ( كلمة قلاووز تعني قائد ,بالتركية كان يقولها تهكما ) وربما قالها في الامام الفخر الرازي وكان كثير الحط عليه . واذا ذكر الفيلسوف العلامة ابن المطهر الحلي قال عنه. ابن المنجس . واذا ذكر نجم الدين الكاتبي المعروف بدبيران . بفتح الدال . صاحب التصانيف الرائعة في علم المنطق . لا يقول الا دبيران بضم الدال . ( ذكر ذلك الصفدي عنه في مجالسه , الوافي بالوفيات ) 7 ,18 _19 .وهو مع كل ذلك يحتج على من سب فاجرا بعينه بان ذلك خروج عن السنة الثابتة عن النبي ص . لعن المسلم كقتله .فاذا كان شيخ القوم يا دكتور بغدادي هذا هو رايه بالفلسفة والفلاسفة فماذا تتوقع من تلامذته غير ذلك ؟حياك الله يا دكتور , والله ان قلمك انت وامثالك من العلماء هو شمعة تنير لنا طرقنا في متاهات وطرقات قد اظلموها علينا هؤلاء الناس الذين حرموا حتى الطابعات والتلفونات اول اختراعها قبل خمسين او مئة سنة .!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! حياك الله دكتور بغدادي .